تؤكد بعض المصادر ان السباحة تعد من الرياضات القليلة التي يبدأ تعليمها في سن مبكر جداً، بل انها تعد اول رياضة يمكن تعليمها للطفل ومنذ الاشهر الاولى للولادة. وهنا يتبادر الى الذهن السؤال (لماذا اختلفت السباحة عن باقي الالعاب الرياضية في بدايتها المبكرة في التعليم؟؟).
يمكننا الاجابة على هذا السؤال من خلال توضيح بعض المفاهيم..
مفهوم السباحة:- السباحة هي احدى الرياضات المائية التي تختلف اهدافها بين انقاذ النفس من الغرق او الممارسة من اجل المتعة او من اجل المنافسة او العلاج، وفي كل الحالات فان الشخص يستعمل حركة اطراف الجسم او الجسم بالكامل للانتقال خلال سطح الماء بحركات اما ان تكون متعاقبة او متماثلة.
مفهوم الطفو:- الطفو هو حالة تكون خليط بين الفطرية والاكتساب، تمكن الفرد من التواجد في محيط مائي عميق نسبياً وبشكل آمن دون انغمار الرأس. فهي تعتمد على عوامل بدنية وميكانيكية موجودة اصلاً في جسم الانسان و لكنها بحاجة الى تشذيب وتهذيب للاستفادة منها بالشكل الصحيح داخل المحيط المائي. وهنا نود ان نوضح معنى ان الطفو هو خليط بين الفطرية والاكتساب، حيث ان القوانين الفيزيائية مثل قاعدة ارخميدس قد وضحت عملية الطفو واعتمادها على كتلة الجسم وكثافته، وهما عنصران توصف بهما الاجسام بشكل ذاتي، وبالرغم من ذلك فعلى الانسان ان يكتسب مهارة التعامل مع هذه القوانين داخل الماء وتسخيرها في سبيل اتمام الشرط الثاني لحصول عملية الطفو.
وتعطي كلمة الطفو معنيين فيما يذكر في ادبيات السباحة..
1- الطفو بالشكل الاكاديمي:- ويقصد به ذلك النوع من الطفو الذي يكون مقدمة او مدخل لمهارات السباحة المتدرجة، ويكون على اشكال مختلفة (طفو القنديل، طفو النجمة، الطفو الممتد على البطن او الظهر).
2- الطفو التقليدي:- ويقصد به التعلق او الوقوف داخل المياه العميقة باستخدام حركات الرجلين والذراعين مع بقاء الرأس خارج الماء.
ومن الجدير بالذكر هنا ان الطفو يخضع لقانون الكل او العدم، اي بمعنى انه اما ان يكون هناك طفو كامل آمن او لا يوجد، فلا يكون هنالك حالة وسطية بين الحالتين. لذا يمكننا الاستنتاج ان الطفو هو حالة وليس مهارة للاسباب الآتية:-
1- لا يوجد تقييم وسطي للطفو، فهو اما صفر او تقييم كامل، خلافاً لكل المهارات الرياضية والتي يمكن اعطاءها تقييماً وسطياً متدرجاً من نقطة فوق الصفر الى التام.
2- لا يمر الطفو بمراحل التعلم المنطقية (التصور الاولي، التكرار، الآلية) حيث يمكن ان يؤديه الفرد من مرة واحدة وبجودة عالية بعد تكوين التصور الاولي. في حين ان جميع المهارات يجب ان اتقانها بعد التكرار والتكرار.
3- يعتمد الطفو على عوامل بدنية وميكانيكية كما ذكر آنفاً ولا يعمد على القدرات العقلية والدليل على ذلك امكانية الفرد المختل عقلياً من الطفو فوق سطح الماء، في حين ان جميع المهارات تعتمد في اساسها على القدرات العقلية اضافة الى اعتمادها على القدرات البدنية.
4- لا يوجد هناك تدرج في تطور عملية الطفو من خلال منحنيات التطور المهاري، في حين ان للمهارة تدرج تطوري يبرز من خلال منحنيات تطور المهارة خلال الزمن.
وهنا يمكن ان نبرر عملية تواجد الطفل في الاشهر الاولى من عمره داخل الوسط المائي على انها عملية اكتساب ذاتي (مع وجود المعلم) لحالة التأقلم على المحيط الجديد والوقوف في المياه العميقة والتي تتم عن طريق التجربة والخطأ. فهو لا يفهم تعليمات المعلم ولا يفهم ايضاً التغذية الراجعة التي تصاحب تعليم المهارات الاخرى. حيث انه بدأ من نقطة الصفر المطلق في التعلم لوجوده في محيط جديد.
اما في حالة انتقاله الى مهارات السباحة الاساسية (ضربات الرجلين – سحبات الذراعين – التنفس) فهو بحاجة الى ادراك ونضج كافيين قد يتوفران في سن الـ6 سنوات لما لتلك المهارات من متطلبات توافقية عالية. في حين ان مهارات بعض الالعاب مثل كرة السلة يمكن تعليمها في سن مبكر عن ذلك قد يكون في الـ4 سنوات وكما هو الحال في مهارة المناولة والاستلام، وذلك لوجود الاساس الحركي لهذه المهارات والمتمثل في الحركات الاساسية المولودة.
اما فيما يخص جودة التعليم، فهو يكون عالياً عند تعلم مهارات السباحة الاساسية في سن الـ6 سنوات مثلاً في حين يكون منخفضاً عن ذلك عند تعليم مهارات الالعاب الرياضية الاخرى في نفس العمر، حيث يعزى ذلك الى عدم وجود علاقة بين مهارات السباحة وبين الاشكال الحركية الاساسية والتي تعد حركات عشوائية قد تؤثر سلباً في عملية التعليم، فيكون التعليم كالكتابة على صفحة بيضاء. في حين قد تؤثر تلك الاشكال الحركية سلباً في تعليم مهارات الالعاب الاخرى مما يؤثر في جودة التعلم.
لذلك قد يكون من الخطأ القول ان السباحة هي رياضة يمكن تعليمها في سن مبكر جداً وذلك لان ما يحصل هو اكتساب لحالة التعود والثقة وحالة الطفو فقط، وهي لا تعد من المهارات الاساسية للسباحة بمعناها العلمي قياساً بمهارات ضربات الرجلين وسحبات الذراعين والتنفس والتوافق بين هذه الحركات للانتقال خلال الوسط المائي.