أبو عبدو الحشاش مخلوق بسيط يعيش على كوكب الأرض وكل همه تناول حبوب الهلوسة
مرة في أحد الأيام جلس أبو عبدو الحشاش على عتبة بيته المتواضع بعد أن قام بشطف العتبة وجهز نرجيلته بأنواع الحشيش الفاخر و قام بتدخينها و أثناء تحشيشه مرّ موكب ابنة الملك التي كانت حاملاَ فقال لها وهو ينظر إليها نظرة الحكيم و الفراسة تقطر من عينه اليمنى و الدخان يخرج من فوهتي أنفه يا بنت الملك إنك سوف تلدين مولودك هذا على درج المملكة .
لم تولي ابنة الملك العناية لكلامه و تابعت مسيرها و مرّت الأيام إلى أن جاء يوم ولادة ابنة الملك الذي ينتظره جميع أفراد المملكة بلهفة نزلت ابنة الملك درج المملكة لتتمشّى ثمّ غيرت رأيها وما أن همت بالصعود ... فجأة ...أجاءها المخاض على درج المملكة هنا تذكرت بنت الملك كلام الحشاش و قالت يا ليتني سمعت كلام ذلك الشخص و لم أعتبره غبياً .
و فعلاّ أنجبت ابنة الملك مولودها الأول على درج المملكة .
فرح الملك بولادة حفيده كثيراً و أعلن الأفراح و الليالي الملاح سبعة أيام بلياليها و عمت السعادة جميع أنحاء المملكة .
و بعد بضع أشهر ضاع خاتم الملك المرصّع بالأحجار الكريمة فأرسل في المدائن حاشرين لكل سحرة و شيوخ و مشعوذين و طلب إليهم أن يعلموه مكان خاتمه المفقود و لكن خاب السحرة و فشل الشيوخ أما المشعوذين فلم يكن لهم أيّ ردود .
بعد يومين مرت بنت الملك فرأت أباها حزيناً كئيباً فسألته ما باله فأخبرها بقصة خاتمة الضائع هنا تذكرت مرة أخرى ما قاله لها الحشاش أبو عبدو الحشاش عن ولادتها فأخبرت أباها ما جرى معها علّه يستطيع الاستفادة مما جرى معها .
طلب الملك من الحرس أن يحضروا المدعو أبو عبدو الحشاش .
جاء الحشاش برفقة الحرس و لم يكن يعلم سبب طلبه ولكنه ظن أن الملك يريد أن يشكره لأنه تنبّأ بولادة ابنته على درج المملكة إلا أن السبب لم يكن كذلك .
قال الملك لأبو عبدو الحشاش يا أبو عبدو لقد ضيّعت خاتمي و أريد منك أن تجده و لئن وجدته لتكوننّ من المقربين .
خرج الحشاش من عند الملك يضرب أخماساً بأسداس و ينظر إلى جانبي الطريق متمنيّاً أن يمن الله عليه و يجد الخاتم و بعد مرور يومين آخرين و بينما أبو عبدو يمشي في حديقة المملكة وجد دجاجة تحيص فقام بفحصها و إذ بخاتم موجود في حويصلتها فذهب مسرعاَ إلى الملك ليخبره أنه وجد الخاتم .
طلب أبو عبدو من الملك أن يأتي بأقوى فارس لديه وأن يعطي الفارس أطول سيف لديه ثمّ قال للملك و الفارس اتبعوني فإذا به يصعد إلى سطح القصر و يتلو طلاسم حتى هو لا يعرف معانيها ثمّ ينزل إلى قبو القصر و يعيد نفس الطلاسم بعد أن يكون قد نسي بعضها و كرّر ذلك بضع مرّات ثمّ قال لهم إنّ أبو عبدو يأمركم أن تذبحوا دجاجة فقال له الفارس وما أوصافها فإن الدجاج تشابه عليّ قال أبو عبدو هي دجاجة تحيص كثيراً موجودة في حديقة القصر ثمّ أشار إليها و أمر الفارس أن يهمّ بها و فعلاً ركض الفارس و ضرب رأسها فأطاح به ثمّ أمر بفتح حويصلتها و إخراج الخاتم .
فرح الملك كثيراً بخاتمه و عيّن أبو عبدو الحشاش كبيراً لمشعوذي المملكة .
و مرّت الأيام و السنون إلى أن تجرّأ بعض الصعاليك و سرقوا صندوق مجوهرات الملكة فأمر الملك أبو عبدو الحشاش أن يعرف السارق أو يأتي بالصندوق خلال خمسة و أربعين يوماً فإن نجح فسيجعله رئيساً لحكومته و إن فشل سيقطع رأسه .
دخل أبو عبدو بيته يملؤه الحزن على نفسه و على مستقبل زوجته التي ستصبح أرملة و على مستقبل ابنه عبدو الذي سيصبح يتيماً و أمر زوجته أن تجهّز له نرجيلته ليفكّر في حل لهذه المعضلة .
و في اليوم الثاني ذهب إلى الملك و طلب إليه أن يبني له في حديقة المملكة بيتاَ خلال يومين و عاد أبو عبدو إلى منزله فسألته زوجته عمّا صنع فأخبرها أنه يرغب أن يقضي ما بقي من حياته في النعيم و بعد أن أتم الملك صنع البيت بقي أربعون يوماً لظهور الحقيقة فقام أبو عبدو بجمع أربعين حجرةً يرمي كلّ يوم حجرةً تعبرّ عن مروره .
علم زعيم العصابة بأن مهمة معرفة السارقين قد أوكلت لأبو عبدو فأراد أن يعرف ماذا سيصنع أبو عبدو الحشاش ليكشف عنه فأرسل أحد رجاله ليتنصّت عليه فوقف الرجل تحت شباكه و إذ بأبو عبدو يقضي يومه كالمعتاد وفي نهاية اليوم قام أبو عبدو برمي حجرة و هو يقول هذا أوّل واحد راح و يقصد أبو عبدو أوّل يوم و إذ بالحجرة تسقط على رأس الحرامي فعاد الحرامي إلى سيّده و هو يقول لقد تم ّكشفنا لقد عرفني .
لم يصدّق زعيم العصابة ذلك فأرسل شخصاً اخر فتكررت القصة كما حدث مع الشخص الأول فعاد إلى زعيم العصابة وهو يقول لقد كشفنا لقد عرفنا .
استمرّ زعيم العصابة بإرسال الأشخاص و كل شخص يعود له فيقول ما قاله من سبقه حتى إذا جاء اليوم التاسع و الثلاثين بينما كان أبو عبدو يتهيّأ ليودع زوجته و ابنه لأنّ اليوم التالي هو يوم إعدامه ذهب زعيم العصابة بعد أن تيقّن من أنّ أبو عبدو قد تمكّن من كشفه و قال له : يا أبو عبدو أنا السارق و جئت لأعيد إليك الصندوق راجياً إياك أن لا تفضحني فقال له الحشاش و هو يدخّن سيكارة الحشيش لقد عرفتك من اللحظة الأولى ولكنني كنت أنتظر أن تأتي بنفسك وتعترف بقدراتي و بما أنّك جئت إليّ تائباً فلن أفضحك على أن لا تعيدها مرةً أخرى .
و في اليوم التالي اليوم الخامس و الأربعين أعاد أبو عبدو الصندوق للملك ولم يخبر الملك باسم السارق لأن ما ستره الله لا يفضحه الحشاش .
نفّذ الملك ما وعد به الحشاش وجعله رئيساً للحكومة .
قام أبو عبدو باتخاذ قرارات غريبة لم يسبق لأحد قبله ولا حتى بعده اتخاذها ومن بعض قراراته أن كل شخص اسمه أبو عبدو ينال مكافأة وأن كل شخص يحمل لقب الحشاش معفو من الضريبة و أن كل شخص لا يدخن سيحبس لعدم تدخينه .
و كردّ فعل طبيعي قام أعيان الشعب بتقديم شكوى على أبو عبدو و على قراراته الإعتباطية للملك و في هذه الأثناء كان نقاش يدور بين الحشاش و زوجته طلبت منه زوجته فيه أن يخبر الملك أن ما جرى معه كان بمحض الصدفة ولا يد له بذلك و أنه ليس بساحر و لا مشعوذ و لكن كثيراً من يصدقّون و إنما هو شخص مختل لا أكثر و لا أقل .
فكّر أبو عبدو مليّاً ثمّ قرّر أن يأخذ بنصيحة زوجته فذهب إلى الملك ليخبره بذلك عسى أن يعفو عنه و يكتفي بعزله و ما أن وصل إلى القصر حتى رأى أعيان الشعب عند الملك عندها عرف سبب مجيئهم فلم يرد أبو عبدو أن يعرف الناس حقيقته فيفتضح أمره بين العوام فااثر أن يبقى الأمر سراً بينه و بين الملك فنادى الملك صائحاً : ملييييييك يا ملييييييك أخرج إلي أريد أن أبلغك أمراً بغاية الأهمية طلب الملك من أبو عبدو الدخول بيد أنّ الحشاش امتنع عن الدخول مصرّاً على خروج الملك .
خرج الملك ليرى ما يريده الحشاش و إذ بسقف القصر يهوي على أعيان الشعب الموجودين تحته في القصر .
نظر الحشاش إلى ما جرى فغيّر ما كان يريد أن يعترف به للملك وقال له لقد كنت أعلم أنّ سقف القصر سيهوي على من تحته و لو لم أكن أكنّ لك الحبّ العميق ما جئت لأنتشلك من براثن الموت إنّي أحبّك أنت حبيبي أيّها الملك حبيبي .
مرّت الأيّام و أبو عبدو اليد اليمنى للملك لا يفعل شيئاً إلا بمشورته بل حتى كان ينوب عنه في حال غيابه .
قرّر الملك الذهاب للحج فعهد للحشاش بالمملكة لحين عودته .
و كما عودنا أبو عبدو الحشاش باتخاذ القرارات الجريئة و الجديدة التي لا سابق لها فكان يأمر بأن يظل أفراد المملكة نياماً ليوم كامل أو كان يعلن يوم عطلة بسبب عيد ميلاده .
اشتد تذمّر الشعب و مما زاد الطين بلّةً قدوم رسول ملك الملوك يطلب الأتاوة السنوية و قيام أبو عبدو الحشاش بضربه وطرده و إرسال رسالة لسيده يقول فيها إنّ الحشاش لا يدفع وبإمكانك أن تصنع ما شئت و الختام طبعاً ليس سلام و لكن تفوووووووو .
عندما سمع ملك الملوك بكلمة تفووووووووو استشاط غضباً فأمر بقطع رأس الرسول و تجهيز الجيش و قال : هذا الوغد المنحط يستحق أن يركله جحش حتى الموت وأنا الرجل القادر على القيام بهذا العمل .
طبعاً لم يكن الحشاش يعلم أن جنود ملك الملوك لكثرتهم لو أنهم دبكوا لانهار جدار المملكة .
عاد الملك من حجه سالماً فأخبره الشعب بفعلة الحشاش فبال الملك لا إرادياً في سرواله من شدة الخوف و ارتعدت فرائصه وفرّ هارباً و لم يعقّب إلّا أنه قبل هروبه أعطى التاج و الصولجان و الختم لأبو عبدو و قال له أنا اتنازل لك عن الملك لقد أهلكت الناس سأدعو عليك من داخل قلبي الله لا يسامحك .
و ما أن خرج الملك حتى دخلت إمرأة الحشاش تندب حظّها طالبة الطلاق فطلّقها على الفور ثمّ استلّ سيكارة حشيش ليفكّر بحل .
طلب أبو عبدو تجهيز الجيش و لكن دون جدوى فلم يستمع أحد إليه إذ كانوا يكرهونه وقالوا له اذهب و قاتل أنت و نفسك إنّا هنا قاعدون .
قرّر أبو عبدو خداع الناس بالقول لهم أنه سيحارب لوحده و ما أن تفتح البوابات حتى يهرب من طرف اليمين حمل أبو عبدو السيف و طلب فرساً فلم يعطه أحد فرسه فوجد فرساً صغيرةً شاردةً فامتطاها و أمر بفتح باب المملكة ففتحه الناس ليروا نهاية أبو عبدو .
عندما فتح الناس البوابة انقسم جيش ملك الملوك فلقتين ليرى ملك الملوك من تمرّد عليه و تجرّأ أن يقول له و الختام تفوووووووووووو .
رأى ملك الملوك الحشاش يتجه يميناً فأمر الجيش بالهجوم عليه و فجأة و بدون سابق إنذار فجّرت فرس الحشاش مفاجأة كبرى بسرعتها و لكن ليس هرباً و إنما باتجاه جيش ملك الملوك ومن سرعتها كان الحشاش يتجاوز ضربات الجنود الموجهة اليه يمنةً و يسرةً بسبب فقدان توازنه وما هي إلّا لحظات و كان سيف أبو عبدو على رقبة ملك الملوك .
لكن كيف حصل ذلك ... كلنا يعلم أن الفرس كانت شاردة و لكن ما لم نكن نعلمه أنها كانت تبحث عن أمها وما أمها إلّا الفرس التي يمتطيها ملك الملوك فالتأم الشمل الأسري واجتمعت الفرَسَان الأم و ابنتها ااااه ما أروع هذا اللقاء .
طلب ملك الملوك من أبو عبدو أن يعفو عنه مقابل أتاوة سنوية تقدّر بمائة ألف كيلو جرام من الحشيش الفاخر يدفعها للحشاش و وافق الحشاش على ذلك و عاد إلى مملكته مزهوّاً بانتصاره وهو يدخن .
عاد الملك الأصلي إلى مملكته بعد أن علم بانتصار الحشاش و طلب إليه أن يعيد التاج و الصولجان له فنهره أبو عبدو و هو ينعته بالجبان و المتخاذل .
عادت زوجة الحشاش إليه طالبةً أن يرجعها لعصمته فطردها لأنها تخلّت عنه في أعتى الظروف و أشد المحن .
أشعل أبو عبدو سيكارةً ليدخنها وقال لشعبه إن الإرادة تصنع المعجزات ولا بدّ لكل شخص من هدف يطمح له ومن طريق يسير عليه وها أنا ذا وضعت الحكم نصب عيني وسرت له عن طريق حبوب الهلوسة و الحشيش و طبعاً لا ننسى دور الإرادة.
اتمنى ان تكونو استمتعو بلقصة فهي من نسج الخيال لا اكثر ولكم كل احترامي وتقديري